الشمس والأرض وكل الكواكب والأقمار والكواكب الأقزام والكويكبات والمذنّبات... المجموعة الشمسية كلها باختصار تشكّلت منذ نحو 4.6 مليار سنة من غمامة سديمية مؤلفة من دوامات غاز وغبار اندجمت وتكتّلت بفضل قوة الجاذبية الهائلة إلا أن هذه الغمامة السديمية لم يكن لها شكل معيّن في البداية.
فكيف اتّخذت المجموعة الشمسية بكواكبها وأقمارهم شكل قرص مستو؟
كلنا نعرف النموذج الكوكبي للذرة وهو حتماً خاطئ بالنسبة للذرات لكنه أيضاً يوحي أن الكواكب قد تدور حول الشمس في أي اتجاه كان فهل مجموعتنا الشمسية فريدة باستوائها؟ أم أن النموذج الكوكبي للذرة خاطئ في الحالتين؟
مجموعتنا الشمسية حتماً ليست وحيدة.... العديد من الكواكب خارج المجموعة الشمسية تنتمي لمجموعات مستوية....والعديد من المجرات لها شكل مستو.... و الأقراص المزوِّدة التابعة للثقوب السوداء مستوية.... وكذلك حلقات زحل مستوية إلخ....
إذاً، لماذا يفضل الكون الأشكال المستوية بالرغم من وجود فضاء ثلاثي الأبعاد؟
الجواب متعلق بأمرين: التصادمات وكون الفضاء الذي نعيش فيه ثلاثي الأبعاد.... حسنا سنشرح ذلك السبب.
ضمن أي مجموعة أجسام مترابطة بفعل الجاذبية، إذا كانت تدور وتتحرك بسرعة. فمن شبه المستحيل التنبؤ بمسار حركة كل جسم على حدى بالرغم من ذلك، الأجسام كلها كمجموعة تدور حول مركز ثقلها بقيمة إجمالية واحدة.
قد يكون من الصعب تحديد اتجاه هذا الدوران تماماً لكن الرياضيات تشير إلى وجود مستوٍ ما تدور فيه هذه الغمامة كمجموعة.... ففي فضاء ثنائي الأبعاد، كل غمامة جسيمات تدور في مستوٍ وتكون مستوية بحكم التعريف. إنها متواجدة في بعدين لكن في فضاء ثلاثي الأبعاد، بالرغم من أن الغمامة تدور في مستو، والجسيمات تستطيع أن تتحرك إلى الأعلى والأسفل من هذا المستوي.
عندما تتصادم هذه الجسيمات، كل الحركات إلى الأعلى والأسفل تميل إلى إلغاء بعضها البعض. طاقتها تضيع في التصادم والتكتّل لكن الكتلة كلها تستمر بالدوران لا محالةً، إذ أن مقدار الدوران في أي منظومة معزولة في هذا الكون يبقى ثابت دائماً.
عبر الوقت، تفقد الغمامة سماكتها بسبب التصادمات والتكتّلات وتتحول إلى قرص دائر ثنائي الأبعاد تقريباً. كمجموعة شمسية أو مجرة حلزونية.
بينما في فضاء رباعي الأبعاد، الرياضيات تدل على إمكانية وجود مستويي دوران منفصلين ومتكاملين وهو أمر صعب التخيل في عقولنا التي تفكر بثلاثة أبعاد فقط وأيضاً يعني أن الجسيمات لا تتحرك إلى الأعلى والأسفل، ولا تفقد طاقة بفعل التصادمات وبالتالي، غمامة الجسيمات تبقى كما هي... غمامة.
إذاً، فقط في فضاء ثلاثي الأبعاد تستطيع غمامة أو مجرة ما أن تبدأ بشكل غير مستوٍ، وتصبح مستوية.
وهو حتماً أمر جيد, لأننا نحتاج لتلك التكتلات في المادة من أجل أن تتشكل الكواكب والنجوم، ومن أجل أن نتشكل نحن أنفسنا وحتى من أجل أن يتشكل بعضنا الذين لازالوا يعتقدون أن الذرات لها هذا الشكل.
المدون : رائد علي